سلوى سعيد
عدد الرسائل : 208 تاريخ التسجيل : 03/04/2007
| موضوع: فترات قوة الدولة الاسلامية في مصر السبت نوفمبر 15, 2008 11:33 am | |
| شرع عمرو بن العاص t في غرس بذور الحضارة الإسلامية في مصر وبسط جناح الإسلام في أرجائها، وكان أول عمل قام به تأسيس مدينة الفسطاط ليجعلها حاضرة البلاد ومقر الحكم. وقد قيل: إن عمرو بن العاص أراد بعد فتحه مدينة الإسكندرية أن يتخذها عاصمة له، كما كانت من قبل منذ الإسكندر الأكبر حتى نهاية العصر البيزنطي في مصر، وكتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك، ولكن الخليفة رفض، وكتب إلى عمرو قائلاً: "إني لا أحب أن تُنزِل المسلمين منزلاً يحول الماء بيني وبينهم في شتاء وصيف". وكان من الطبيعي أن يختار عمرو عاصمة مصر في نقطة برية سهلة الاتصال مع بلاد العرب، وفي موضع متوسط يمكن من خلاله أن يلاحظ قسمي البلاد المصرية شمالاً وجنوبًا؛ ليسهل عليه حكمها منه. وكان موضع الفسطاط فضاء ومزارع بين النيل والمقطم، ولم يكن في هذا المكان من البناء سوى حصن بابليون الذي كانت تنزل به الحامية البيزنطية[1]. مؤسس الحضارة الإسلامية في مصر وقد شيَّد عمرو بن العاص أول جامع بمصر سنة 21هـ في الفسطاط، والذي كان يمثل ظهور الإسلام في مصر وانضواءها تحت الحكم الإسلامي، وقد عرف هذا الجامع في عهد ازدهاره بتاج الجوامع، ثم عرف بعد أن تقادم به الزمن بالجامع العتيق، ويقع شمالي حصن بابليون، وقد أصبح هذا الجامع منارًا ساطعًا للعلم والثقافة، يحكي تاريخ مصر الإسلامية عبر العصور إلى اليوم[2]. وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان t (23- 35هـ= 643- 655م)، بدأ المسلمون في تجهيز أسطول ليقضي على أي هجوم من ناحية البحر، ويقوم بالجهاد ضد أملاك البيزنطيين، وقد أُسنِد بناء هذا الأسطول إلى العناصر الخبيرة في البلاد المفتوحة في كل من مصر والشام، وبخاصة إلى القبط الذين أسهموا بنصيب وافر في بناء الأسطول الإسلامي، بحيث لم تأت سنة (33هـ= 654م) حتى كان للمسلمين أسطول ضخم، استطاعوا به أن يحطموا السيادة البيزنطية في البحر المتوسط، ويستولوا على بعض جزره[3]. ذات الصواري.. أول نصر بحري للمسلمين وفي سنة 34هـ= 655م، قدم أسطول لغزو الإسكندرية بقيادة الإمبراطور قنسطانز الثاني لاسترداد مصر من المسلمين، وكان والي مصر آنذاك هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح من قبل الخليفة عثمان بن عفان، فخرج عبد الله بن سعد على رأس الأسطول المصري لصد خطر البيزنطيين، وفي الوقت نفسه بعث معاوية بن أبي سفيان أسطوله بقيادة بسر بن أبي أرطاة للتعاون مع الأسطول المصري، وتقابل الأسطولان مع الأسطول البيزنطي بقيادة قنسطانز الثاني في فونكس على ساحل ليكيا جنوبي آسيا الصغرى في معركة عرفت باسم ذات الصواري لكثرة صواري السفن، وقد كان القتال عنيفًا بين الطرفين، وفي هذه المعركة حوَّل المسلمون القتال البحري إلى اشتباك وجهًا لوجه، إذ ربطوا السفن الإسلامية بالسفن البيزنطية، ثم اتخذوا من ظهر السفن المتلاحمة ميادين قتال أشبه بميادين البر، وبذلك حقق المسلمون أول انتصار بحري عظيم في الإسلام، وصفه المؤرخون بأنه اليرموك الثانية. وعلى أية حال، لم يستغل المسلمون هذا النصر ليندفعوا إلى القسطنطينية، وربما يرجع السبب في ذلك إلى مقتل الخليفة عثمان بن عفان الذي حدث في ذلك الوقت[4].
[1] حسن إبراهيم حسن: تاريخ عمرو بن العاص ص131،132. وانظر: محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى ص90.
[2] محمود الحويري: مصر في العصور الوسطى، ص90.
[3] السابق نفسه، ص92،93.
[4] ابن الأثير: الكامل 3=13،14. وانظر: إبراهيم العدوي: قوات البحرية في مياه البحر المتوسط ص44-52.
| |
|