موضوع: لماذا التأريخ من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم الأربعاء أبريل 29, 2009 5:50 pm
لماذا التأريخ من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تجسيد للرمز الحضاري للأمة الإسلامية مع تطور الحياة واتساع دائرة العلاقات وتشعّب المصالح بين الناس وارتقاء المجتمع الإنساني كانت الحاجة إلى آلية تساعد الذاكرة الإنسانية على قياس الزمن لضبط شؤون الحياة وتنظيم العلاقات وتخليد الأحداث واستذكار المخزون التاريخي ، فاهتدت الأمم إلى وضع التقاويم ، وربطتها برموزها الوطنية والدينية وقيمها الثقافية وحاجياتها الاجتماعية وأحداثها التي تبرز في مسيرتها كعلامات فارقة ، ومنعطفات بارزة ، فصار لكل أمة تقويمها الذي يعبر عن رؤيتها للزمن ودورة التاريخ ويرتبط بالقيم والمعايير والرموز التي تستمدُّ منها مقومات كيانها وتميزها عن غيرها ، سواء من حيث مبدؤُه أو من حيث تحديد فواصله الزمنية ومناسباته الاحتفالية ، ما جعل التقاويم تعبر بوضوح عن المحتوى الثقافي والرمزي للأمة ، وتُجسِّد هويتها المستقلة وقيمها الثقافية ورموزها الحضارية ﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ ﴾ ( الآية 67 سورة الحج ) . ومن هنا لم يعد التقويم مجرد آلية لتأريخ الأحداث ، بل صار عنصرًا من عناصر هوية وثقافة الشعوب والأمم ، وجزءًا مُهمًا من الثقافة والحضارة الإنسانية بوجه عام ، لأنه يمسُّ كيان الأمم ، وينتظم عناصر أصالتها وهويتها ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ﴾ (الآية 48 سورة المائدة ). ونتيجة للظروف التاريخية القاسية التي مر بها عالمنا الإسلامي وجد نفسه مرتبطًا بتقويم لا علاقة له بهويته الإسلامية ، سواء في مبدئه أو في مسميات أشهره ، لكنه فرض على المسلمين كأحد افرازات الغزو الفكري والثقافي لدريارهم ، وهو لايزال معتمداً في المعاملات اليومية في عالمنا الإسلامي لدرجة أن أجيالنا الجديدة باتت لا تعرف غيره تقويمًا،ونرى أنه لزاماً على مؤسساتنا الفكرية والثقافية والتربوية الانتباه إلى خطورة الاستمرار في اعتماد ذلك التقويم ، ليس لأنه لا يمت لحضارتنا وثقافتنا بصلة فحسب ،بل لأنه بتكريسه الوثنية والشرك بالله يتناقض و العقيدة الإسلامية ؛ وهذا ما نبَّه إليه الأخ القائد معمـر القذافي قائد القيادة الشعبية الإسلامية العالمية بقوله إن الأشهر الشمسية وثنية في مسمياتها ،ومن الخطأ أن يؤرخ العالم الإسلامي بها ، فـ « يناير أو جانفي » هو اسم إله الشمس عنـد الرومـان.. و« فبراير أو فيفري » هو اسم شهر مخصص عند الرومان لعبادة إله وثني اسمه ليبراقـوس..و« مارس»هواسم إله الحرب عند الرومان،و« ماي أو مايو» هو اسم لآلهة رومانية يونانية مختصة بالنماء في اعتقادهم . معالجة واعية وفعالة : فمن غير المقبول شرعاً وعقلاً أن تكون أسماء الآلهة الرومانية أسماء لأشهرنا ، وأن يكون يوم ميلاد المسيح عليه السلام ، رغم إيماننا به وبرسالته ، مبدأ لهُ ، وهو في الواقع يعبر بوضوح عن تبعيتنا وضعفنا ويهدد هويتنا العربية الإسلامية ، ويجرنا إلى الذوبان في ثقافة الآخـر . وقد كانت ثورة الفاتح الإسلامية ، من خلال مشروعها الحضاري النهضوي ، سباقة ورائدة في معالجة مسألة التقويم معالجة واعية ومدروسة ، فأعادت النظر في أشهر التقويم الشمسي المفروض على عالمنا الإسلامي ، وجردته من الآثار السلبية على مقوماتنا الثقافية والحضارية ، وأضفت عليه ما جعله تقويمًا شمسيًا خاصًا بنا ينبثق في مبدئه وأسماء أشهره من خصوصياتنا الثقافية ، ويستجيب لحاجاتنا الاجتماعية ، ولا يتعارض مع عقيدتنا الإسلامية ، ويجسد رموزنا الحضارية ويتصل مباشرة بتاريخنا وأحداثه وشخصياته ، وتمسكت بالتقويم القمري كمقوم من مقومات الهوية الإسلامية ، لارتباطه العضوي بالشعائر والعبادات الإسلامية ، وهي بتمسكها بما يميز الشخصية الحضارية للأمة الإسلامية في التقويم الشمسي لا ترمي إلى العزلة والتقوقع ، وإنما تهدف إلى صون الذات وإبراز الخصوصية والتفاعل المتكافئ ، كما أن حرصها على التمسك بأشهرنا القمرية لم يدفعها إلى رفض استعمال تقويم يحقق مصالح الأمة ، ولا يتعارض وقيمها وهويتها ، ولذا فإنها عندما لاحظت أن الأولية في التعامل بين الشعوب والأمم الآن أصبحت للتقويم الشمسي لأنه الأوسع انتشاراً ، وأن مصلحة الأمة الإسلامية - التي تتشابك معاملاتها وعلاقاتها مع بقية أمم العالم - تقتضي استحداث تقويم شمسي يحفظ لها هويتها ، ويلبي حاجاتها ، ويغنيها عن تقاويم غيرها ، لم تتوان عن اعتماده والعمل به في تسيير وتنظيم شؤون المجتمع ، بعد أن أزالت عنه آثار الشرك التي يكرسها التقويم الإفرنجي وأضفت عليه صبغة الهوية الإسلامية وجعلت مبتدأه أهم حدث في تاريخ الإنسانية وهو وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم . يشرح الأخ القائد معمر القذافي قائد القيادة الشعبية الإسلامية العالمية هذه الخطوة التصحيحية قائلاً : " الشهور الوثنية المسماة على آلهة وأباطرة ، وقبائل رومانية ويونانية فرضت علينا ونحن اليوم رفضناها ، فنحن نسمي ( يناير ) : أي النار لأنه يأتي في فصـل الشتاء ، و( فبراير ) : النوّار ، لأنه لا علاقة لنا بالإله ( لبراقوس ) ، و( مارس ) : الربيع لأننا لا نعترف بأن هناك إلهاً للحرب ينصر الرومان علينا و( إيفريل أو أبريل ) : الطير،و( ماي ) : الماء و ( يونيو أو جوان ): الصيف، فنحن لا علاقة لنا بالقبائل الرومانية ،و( يوليو ) : ناصر، فليس لنا علاقة بيوليوس قيصر، ونحن لا نعترف بعظمة استيفان إمبراطور روما ، ولذلك اسمينا ( أغسطس ): هانيبال، و( سبتمبر) : الفاتح ، و(أكتوبر ): التمور ، لأنه تنضج فيه التمور في العالم الإسلامي .و( نوفا أو نوفمبر ) :الحرث و( ديسا أو ديسمبر) الكانون ، لأن فيه تكون الحاجة للكانون وهو وعاء النار . وبعد ذلك يأتي ( أي النار ) مرة ثانية ، وهكذا أصبح كل اسم يدل على مسمى بالنسبة للعالم الإسلامي ، وبهذا فإن ثورة الفاتح العظيم - الثورة الإسلامية العالمية والثورة الثقافية - قضت على آثار الشرك في التقويم الذي فرضه علينا الفرنجة عندما كانوا يسيطرون على ديار الإسلام " ولقد خُصَّ حدث وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم من بين الأحداث العظام التي يزخر بها التاريخ الإسلامي وتحفل بها حياة الداعية الأول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ليكون مبدأ للتقويم الشمسي الجديد . أولاً : لأنه يمثل الرمز الحضاري للأمة الإسلامية بما يتضمنه من دلائل إعجاز تكمن في الترتيب الرباني الأزلي بين اكتمال الدين باختتام الرسالة وانقطاع الوحي ، وبين وفاته ‘ بعيد أن قام بتبليغ الدعوة للناس كافة وأشهدهم على أنفسهم قائلاً " اللهم قد بلغت اللهم فاشهد ". و ثانياً : بما أن الإسلام خاتم الرسالات وأتمها والرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ورسول الله للعالمين ، بدعوته اكتمل الدين ، وبرسالته تكاملت دائرة التوحيد وباختتام كتابه انقطع الوحي ، وببلوغ البشرية عصره وصل العقل الإنساني إلى مرحلة النضج والتطور وصار بإمكانه أن يستوعب الخطاب القرآني الذي تركه فينا الرسول ‘ ولن نضل ما إن تمسكنا به ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :- " لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي " ، وبوفاته صلى الله عليه وسلم انتهت مراحل بشرية طويلة ، وختمت نبوات عديدة ، وانقطع الوحي ، وتوقفت رسالات الله ، وأقيمت الحجة ، وتمت النعمة ، ولا حاجة للبشر إلى رسالات أو كتب سماوية ، فلن ينزل وحي بعد القرآن ولن يبعث نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، فخاتم النبيين قد لحق بالرفيق الأعلى والقرآن الكريم خاتم الكتب وخلاصتها قد اكتمل وأودع الله فيه من التعاليم والأحكام ما يجب على البشرية أن تجتهد لتطبيقها وأن تعمل رأيها مستنيرة بمنطوق نصوصه وروحها يقول الله تعالى : ﴿ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ﴾ (الآية 3 من سورة المائدة) . وثالثاً إذا كان بوفاة العظماء تموت أمم وتنحرف مسارات وتتلاشى مبادئ فإنه بوفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم تمت أمة الإسلام ، ولم يتراجع المد التوحيدي ، فقد أراد الله لأمة الإسلام أن تعبر الزمن إلى كل أفق حاملة رسالة التوحيد الأمر الذي جعل من التأريخ بهذا الحدث عنوان عظمة وخلود ومنطلق المسار الجديد للإنسانية ، إذ أنه من الأهمية بمكان أنْ يعرف الإنسان -حتى بعد آلاف السنين -أن آخر الأنبياء قد توفــي سنة " 632 بعد ميلاد المسيح عليه السلام " ومع مرور كل هذه السنين على وفاته فإن الكتاب المنزل عليه لا يزال محكماً وأن الدين الذي جاء به لا يزال ينتشر في الآفاق .
ويشرح الأخ القائد معمر القذافي قائد القيادة الشعبية الإسلامية العالمية الأهمية الكونية لحدث وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم والبواعث التي دعت لاعتماد هذا الحدث مبدأ للتأريخ حاثًاً المسلمين على اتخاذه مبدأ لتقويمهم كخطوة نحو تصحيح المفاهيم ومقاومة الهيمنة والتبعية فيقول في التاريخ الإسـلامي أحداث تاريخية ، وهامة جداً ، منها وفاة الرسول محمـد صلى الله عليه وسلم التي تمــاثل ميلاد عيسى ( عليه السلام ) ، فكان الأفضل ، إذا أردنا أن نؤرخ بهذه الأحداث أن نؤرخ بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فنقول مرت كذا سنة على وفاته صلى الله عليه وسلم ، لماذا ؟ .. لأنها من الأحداث المهمة التي يجب أن نثبتها في التاريخ الإنساني ، وذلك بأن نسجل للبشرية تاريخاً تتعرَّف منه حتى بعد ملايين السنين على أن خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم قد توفي في سنة معينه ، أو مرت على وفاته هذه السنوات ، أو هذه القرون .
... إن وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أهم الأحداث في الكون ، فبوفاته صلى الله عليه وسلم انتهى الوحي إلى يوم القيامة ، وغاب عن الدنيا آخر نبي أرسله الله إلى الأرض ، وبوفاته ‘ أجل كل شيء إلى يوم الفصل "يوم القيامة "، يقول الله تعالى: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الفَصْلِ (الآيتان 13,11 سورة المرسلات ) .، لكن هذا الحدث الكوني الهام ، ليس له اهتمام عالمي كالاهتمام بميلاد عيسى (عليه السلام) ... ... وفاة محمد صلى الله عليه وسلم تاريخ كوني مهم جداً ولا بد أن يُثْبت ويُؤًرًّخ به وتخرج به التقاويم السنوية من عندنا نحن المسلمين ، ويعتمد في الصحف والمجلات ، ويكتب في الخطابات وفي الرسائل الشخصية ، ويكتب في الدواوين .هذا الذي يجب أن نقيم له اعتباراً ، وكل شيء لا يأتي بسهولة بل يحتاج إلى جهاد ، لابد أن تؤرَّخ به صحُفُكم ، وأن تؤرِّخ به المدارس ، وأن تؤرَّخ به الرسائلُ الشخصيةُ ، لأننا لم نعد نتحمَّل التبعية أكثر من هذه التبعية التي وصلت إلى مقدساتنا ووصلت إلى طمس تاريخ كوني مهمٍّ وهو وفاة آخر رسول ،لا بد من صحوة إسلامية ،لا بد من إعادة تصحيح حياتنا وثقافتنا ، وهذه بداية مقاومة التبعية والهيمنة ".