لقد أقبل شهر رمضان .. وبدأ الحديث عن الأسواق يملأ المجالس ، فصار الشهر
الكريم كأنه شهر معاص وذنوب وفتن .... بل شهر أسواق . وإني إذ أتحدث اليوم معك
بشأن الأسواق لا أمنعك أو أحرم عليك دخولها ، وإنما لما رأيت ما يدمع العين
ويقض المضجع من حال النساء مع وفي الأسواق اخترت هذا الموضوع .
أختي المسلمة : إن دخولك إلى السوق دخول
إلى مكان يعج بالفتن ويموج بالمحن ، والشيطان ناصب فيه رايته فاحذري . نعم ،
احذري أن تكوني ممن جعلت السوق همها والأزياء آمالها ، فصارت محيطة بجميع
المعلومات حول جميع الأسواق ، وفروع المحلات ونوعية البضائع ومدى جودتها
وأسعارها…
واحذري من أن تكوني ممن جعلت السوق مهرباً وملاذا لها و فرارا من المشاكل
الاجتماعية وهروبا من مواجهة الواقع فتكوني أرضا خصبة للفتن .
واحذري من أن تكوني ممن تتابع كل جديد فما سمعت بجديد إلا هرعت إليه . ولا قرأت
إعلانا عن عروض إلا أسرعت إليها قاهرة جميع الظروف المضادة لذهابها . ولا أظن
أني أجرؤ أن أحذرك من أن تكوني ممن جعلن السوق مكاناً للقاء والاجتماع ورؤية
الصديقات وأنت تعلمين أنه أبغض البلاد إلى الله .
ولنا مع الذاهبات إلى الأسواق عدة وقفات منها :
1. لا تخضعي ظروفك وتقهريها من أجل
الذهاب إلى السوق، وضعي في ذهنك أن ما لا يقضى اليوم يقضى غداً ولو فات وقته ،
ولا أظن أن السوق يستحق خلافا بينك وبين زوجك أو أخيك أو أبيك .. وإن لم تجدي
من يذهب بك إلى السوق في يوم معين فلست في حاجة ملحة تدفعك إلى ركوب مع السائق
... ناهيك عن أن تركبي معه بمفردك .
2. تذكري دوما أن الأصل قرارك في البيت
وأن كثرة خروجك - وخصوصا للأماكن العامة التي تجدين فيها الرجال – ينزع عنك
جلباب الحياء رويدا رويدا. واسألي إن شئت بعض النساء عن أحوالهن أول ما بدأن
الخروج إلى الأسواق وأحوالهن بعدما اعتدنه … من نزع للحياء وجرأة على الرجال
وتماد في المنكرات ، وتساهل بالحجاب وغير ذلك .
وانظري إلى فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم تلك التي تربت في بيت النبوة إذ
قالت لأسماء بنت عميس : إني أستقبح ما يُصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب
فيصفها - تعني إذا ماتت ووضعت في نعشها - قالت : يا ابنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ، فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت
عليها ثوبا ، فقالت فاطمة رضي الله عنها : ما أحسن هذا وأجمله ، فإذا مت
فغسليني أنتِ وعلي ولا يدخل علي أحد . [سير اعلام النبلاء 2 / 118] .
فلا تريد رضي الله عنها أن ينظر إلى جسدها وهي على النعش وفرحت بوضع أعواد
وعليها ثوب يمنع النظر إليها . فاحذري أخية من التمادي في محادثة الرجال أو
إلانة القول أو تغنيج الصوت أو الإكثار من الكلام أو التعليقات بلا حاجة . ولا
تتساهلي بالخلوة مع صاحب المحل فلكَم جرت تلكم الخلوة من ويلات ومصائب عدة .
وإن أردت ضبط نفسك وتقويمها فتجنبي الذهاب إلى الأسواق بمفردك فإن لم يصحبك
محرمك فلتصحبك أمك أو أختك أو من تذكّرك إذا نسيت . ولا تصحبي محرمك إلى أسواق
تعج بالفتن فتعرضيه للفتنة وأنت تريدين حمايته .
وأنت أيتها الأم أذكّرك بمسؤوليتك والأمانة التي حملتيها فراقيبي بناتك عند
ذهابهن إلى الأسواق ، مع من يذهبن ؟ وإلى أي سوق يذهبن ؟ وماذا يلبسن ؟ وتأكدي
بصورة أو بأخرى من التزامها الحجاب الشرعي الكامل في السوق وإن اضطرك ذلك إلى
أن تذهبي معها . ولا أراك ممن يتهاونّ في حجاب البنات الحجاب الكامل الشرعي وهن
في سن العاشرة فما فوق.
أختي المسلمة : إن التبرج - مع الأسف -
فشا في الأسواق بصور عدة تؤلم القلب وتدمع العين . من عباءة مزينة إلى مخصرة أو
ملونة أو موضوعة على الكتف بطرحة كفستان العروس أو بنقاب يظهر العينين
المزينتين بل لثام تحركه الرياح . ولقد عجبت من حال كثيرات ممن يضعن اللثام ،
حيث يزين أو يحصرن زينة وجوههن فيما بد ا منها مع اللثام أو النقاب . ولو كشفن
وجوههن لبدا الفرق جليا بين لوني الجزئين ، والعجب ليس في ذلك فحسب بل في غضبهن
حين يُنكر عليهن أو يقال لهن إنكن تفتن الرجال بفعلكن هذا !! وإن المتلثمة -
وكل امرأة تفعل مثلها - إذ تطهر نفسها من فتنة الرجال أو إرادة فتنة الرجال ..
فمن هن اللاتي فتنّ الرجال ووقعن في شباك الرذيلة ؟!
ومن صور التبرج المؤلمة في الأسواق لبس البنطال والكعب العالي وأخص ذا الصوت
الرنان ، بل والعطر الذي يفوح بروائح مختلفة في الأماكن العامة ولا حول ولا قوة
إلا بالله . وإنا إذ نقول ذلك ننصحك بأن تتنبهي بأن تراقبي رائحة الملابس التي
ستخرجين بها والعباءة أيضا حتى لا تكون علقت بها روائح عطرية بغير قصد ، وإلا
فنحن نربأ بك أن تكوني ممن يتقصدن التعطر عند الخروج .
ومن الصور كذلك التهاون بتغطية القدم مع صراحة دليلها ، هذا إن سلمتِ من ظهور
الساق عند قياس الحذاء أو ركوب السيارة أو حتى بارتداء ملابس قصيرة . ونحن إذ
نذكرك ذلك ننصحك بتقوى الله ونحذرك من أن تضلي وتُضلي ، وأن تفتني وتُفتني .
ولي وقفة مع النساء السلبيات الجامدات عند كل منكر يرينه في السوق – خصوصا
-فاحذري من عاقبة السكوت عن المنكرات فإن السكوت سبيل إلى ألفتها . وليس لك عذر
فوسائل الدعوة في هذا الزمان متيسرة ، فبالدعوة المباشرة والشريط والكتاب
والرسالة .
أختي المسلمة : عند ذهابك لشراء الملابس
احذري من شراء ما منعك منه الشارع ولو كنت عند النساء ، وإن كنت ترغبين فيه أو
ترين فيه تميزا فتذكري أن ذلك من الشيطان والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : "
من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه " .
ولا تنسي أن من لبس ثوب الشهرة ألبسه الله ثوب مذلة .
أخت الإسلام لا تكثري من شراء الملابس بحجة عدم رغبتك في تكرار اللباس أمام
الناس واحرمي نفسك - ولو مرة - من لباس ترغبين شراءه تواضعا لله ورغبة منك في
نيل أجر عظيم وُعدتِ به في قوله صلى الله عليه و سلم : " من ترك اللباس تواضعا
لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل
الإيمان شاء يلبسها " رواه البيهقي .
ألبسنــــــــا الله وإياك حلل الإيمان وكســــــانا بالهدى والتقى والإيمان ..