إسلام
عدد الرسائل : 23 تاريخ التسجيل : 13/03/2010
| موضوع: محمود درويش.. شعر يستحق الحياة الإثنين مارس 15, 2010 2:09 pm | |
| أربعة عناوين شخصية
قصيد كبيرة من أربعة أجزاء بعنوان "أربعة عناوين شخصية" ننشر هنا جزأين منها وهي من ديوان "هي أغنية" عام 1984.
( 1)
متر مربع في السجن ،،،
هو البابُ، ما خلفه جنَّةُ القلب.
أشياؤنا –كُلُّ شيء لنا– تتماها وباب.
هو الباب، بابُ الكنايةِ، باب الحكاية، باب يُهذِّب أيلولَ.
باب يعيد الحقولَ إلى أوَّل القمحِ.
لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الدخول إلى خارجي عاشقاً ما أراهُ وما لا أراهُ.
أفي الأرض هذا الدلالُ وهذا الجمالُ ولا باب للبابِ؟
زنزانتي لا تضيء سوى داخلي.. وسلام عليَّ ، سلام على حائط الصوت.
ألَّفْتُ عشرَ قصائدَ في مدْح حريتي هاهنا أو هناك.
أُحبُّ فُتاتَ السماء..،، التي تتسلل من كُوَّة السجن مترا من الضوء تسبح فيه الخيول وأشياءَ
أميِّ الصغيرة.. رائحةَ البُنِّ في ثوبها حين تفتح باب النهار لسرب الدجاج.
أُحبُّ الطبيعةَ بين الخريف وبين الشتاء، وأبناء سجَّانِنا، والمجلاَّت فوق الرصيف البعيد.
وألَّفْتُ عشرين أُغنيةُ في هجاء المكان الذي لا مكان لنا فيه.
حُريتي: أن أكونَ كما لا يريدون لي أن أكونَ.
وحُريتي : أنْ أوسِّع زنزانتي: أن أُواصل أغنيةَ البابِ: باب هو البابُ: لا بابَ للبابِ لكنني أستطيع الخروج إلى داخلي، الخ. الخ ،،،
(2)
مقعد في قطار
مناديلُ ليست لنا.
عاشقات الثواني الأخيرةِ ضوءُ المحطة.
ورد يُضَلِّل قلبًا يُفَتِّش عن معطفٍ للحنانٍ.
دموع تخونُ الرَصيفَ.
أساطيرُ ليست لنا، من هنا سافروا هل لنا من هناك لنفرحَ عند الوصول؟
زنابقُ ليست لنا كي نُقَبِّل خط الحديد.
نسافر بحثاً عن الصِّفْر لكننا نحبُّ القطارات حين تكون المحطات منفى جديداً.
مصابيحُ ليستْ لنا كي نرى حُبَّنا واقفاً في انتظار الدخانِ.
قطار سريع يَقُصُّ البحيراتِ.
في كُل جيبٍ مفاتيحُ بيتٍ وصورةُ عائلةٍ.
كُلُّ أهلِ القطارِ يعودون للأهلِ.
لكننا لا نعودُ إلى أي بيتٍ.
نسافرُ بحثاً عن الصفرْ كي نستعيد صواب الفراش.
نوافذُ ليستْ لنا، والسلامُ علينا بكُلِّ اللغات.
تُرى ، كانت الأرضُ أوضحَ حين ركبنا الخيولَ القديمةَ ؟
أين الخيول ، وأين عذارى الأغاني ، وأين أغاني الطبيعة فينا ؟
بعيد أنا عن بعيديَ.
ما أبعد الحبّ! تصطادنا الفتياتُ السريعاتُ مثل لصوصِ البضائعِ.
ننسى العناوين فوقَ زجاج القطارات.
نحن الذين نحُّب لعشر دقائقَ لا نستطيع الرجوعَ إلى أي بيتٍ دخلناه.
لا نستطيع عبور الصدى مرتين.
القصيدة الثانية وهى بعنوان "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" التي صدرت ضمن ديوان "ورد أقل" عام 1986.
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
تردد أبريل
رائحة الخبز في الفجر
آراء امرأة في الرجال
كتابات أسخيليوس
أول الحب
عشب على حجر
أمهات تقفن على خيط ناي
وخوف الغزاة من الذكريات
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
نهاية أيلول
سيدة تدخل الأربعين بكامل مشمشها
ساعة الشمس في السجن
غيم يقلد سربا من الكائنات
هتافات شعب لمن يصعدون إلى حتفهم باسمين
وخوف الطغاة من الأغنيات
على هذه الأرض ما يستحق الحياة
على هذه الأرض سيدة الأرض
أم البدايات
أم النهايات
كانت تسمى فلسطين
صارت تسمى فلسطين
سيدتي أستحق لأنك سيدتي
أستحق الحياة
أما ثالث القصائد التي ننشرها فهي بعنوان "سأصير يوما ما أريد" وهي في الأساس جزء من قصيدة بعنوان "الجدارية" التي صدرت ضمن ديوان يحمل نفس الاسم.
سأصير يوما ما أريد
وكأنني قد مت قبل الآن
أعرف هذه الرؤيا، وأعرف أنني
أمضي إلي ما لسْت أعرف. ربما
ما زلت حيا في مكان ما، وأعرف
ما أريد
سأصير يوما ما أريد
سأصير يوما فكرة. لا سيْف يحملها
إلي الأرضِ اليبابِ، ولا كتاب "
كأنها مطر علي جبلٍ تصدع من
تفتح عشْبة
لا القوة انتصرتْ
ولا العدْل الشريد
سأصير يوما ما أريد
سأصير يوما طائرا، وأسل من عدمي
وجودي. كلما احترق الجناحانِ
اقتربت من الحقيقةِ، وانبعثت من
الرمادِ. أنا حوار الحالمين، عزفْت
عن جسدي وعن نفسي لأكْمِل
رحلتي الأولي إلي المعني، فأحْرقني
وغاب. أنا الغياب. أنا السماوي
الطريد.
سأصير يوما ما أريد
أما آخر القصائد فهي تحمل اسم "يطير الحمام" صدرت ضمن ديوان "حصار لمدائح البحر" عام 1984.
يطير الحمام
يطيرُ الحمامُ يَحُطّ الحمامُ
أعدِّي ليَ الأرضَ كي أستريحَ
فإني أُحبُّكِ حتى التَعَبْ...
صباحك فاكهة للأغاني
وهذا المساءُ ذَهَبْ
ونحن لنا حين يدخل ظِلُّ إلى ظِلُّه في الرخام
وأُشْبِهُ نَفْسِيَ حين أُعلِّقُ نفسي
على عُنُقٍ لا تُعَانِقُ غَيرَ الغَمامِ
وأنتِ الهواءُ الذي يتعرَّى أمامي كدمع العِنَبْ
وأنت بدايةُ عائلة الموج حين تَشَبَّثَ بالبِّر
حين اغتربْ
وإني أُحبُّكِ ، أنتِ بدايةُ روحي ، وأنت الختامُ
يطير الحمامُ، يَحُطُّ الحمامُ
أنا وحبيبيَ صوتان في شَفَةٍ واحدةْ
أنا لحبيبي أنا ، وحبيبي لنجمته الشاردةْ
وندخل في الحُلْمِ ، لكنَّهُ يَتَبَاطَأُ كي لا نراهُ
وحين ينامُ حبيبي أصحو لكي أحرس الحُلْمَ
مما يراهُ..
وأطردُ عنه الليالي التي عبرتْ قبل أن نلتقي
وأختارُ أيَّامنا بيديّ
كما اختار لي وردةَ المائدةْ
فَنَمْ يا حبيبي...
| |
|