بسم الله الرحمن الرحيم
وجوب التوبة .. كيفية أستجابة التوبة
... نماذج التائبين الحمد لله بتحميده يستفتح كل كتاب وبذكره يصبر كل خطاب وبحمده يتنعم أهل النعيم في دار الثواب وباسمه يتسلى الأشقياء وأن أرخى دونهم الحجاب وضرب بينهم وبين السعداء بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهرة من قبله العذاب ونتوب إليه توبة من يوقن أنه رب الأرباب ومسبب الاسباب ونرجوه رجاء من يعلم أنه الملك الرحيم الغفور التواب ونصلى على نبيه محمد صلاة تنقذنا من هول المطلع يوم العرض والحساب وتمهد لنا عند الله ذلفى وحسن مأب أما بعد أصدق الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد r وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة بالنار أوصيكم ونفسى بتقوى الله تعالى وأمتثال أوامره واجتناب نواهيه وذاك هى وصية الله لعباده فى أرضه حيث يقول سبحانه يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ثم أما بعد فإن التوبة عن الذنوب والرجوع لستار العيوب وعلام الغيوب رأس مال الفائزين ومبدأ طريق السالكين ومفتاح استقامة المائلين وأول أقدام المريدين ومطلع الاصطفاء والاجتباء للمقربين ولأبينا آدم عليه الصلاة والسلام وعلى سائر النبيين وما أجدر بالأولاد الاقتداء بالأباء والأجداد فلا غرور إن أذنب أدميا وأجترم فمن شابه أباه فما ظلم ولكن الأب إذا جبر بعدما كسر وعمر بعدما أن هدم فليكن النزوع إليه فى كلا طرفي النفي والاثبات والعدم ولقد شرع آدم سن الندم وتندم على ما سبق منه وتقدم فمن أتخذه قدوة فى الذنب دون الندم فقد ذلت به القدم بل التجرد لمحط الخير دأب الملائكة المقربين والتجرد للشر دون التلافي للخير سجية الشياطين والرجوع للخير بعد الوقوع فى الشر ضرورة الأداميين فالمتجرد للخير ملك مقرب عند الملك الديان والمتجرد للشر شيطان والمتلافي للشر بالرجوع للخير بعد الوقوع فى الشر ضرورة الأداميين فالمتجرد للخير ملك مقرب فقد ازدوج فى طينة الانسان شائبتان واصطحب فيه سجيتان وبعد اخوة الاسلام والايمان بعدما أن تعلمنا سويا كيف نستحضر النية ونحقق فيها الصدق والاخلاص فهيا نستفيد بها فى أول تجربة عملية وأن نضعها ركنا ركينا فى لقاء اليوم ألا وهو عن التوبة وشروطها ولكي لا يمر الوقت سريعا من بين أيدينا.نوجز الكلام فى هذا الموضوع المبارك فى العناصر الآتية:
أولا : وجوب التوبة ثانيا : نماذج التائبين
ثالثا :كيفية استجابة التوبة وبالله التوفيق والفضل والمنة.
أبد الحديث مع حضرتكم عن العنصر الأول وهو وجوب التوبة فأعلم أولا أن وجوب التوبة ظاهرة بالأقدار والآيات وهو واضحا بنور البصيرة عند من انفتحت بصيرته وشرح الله بنور الايمان صدره حتى اقتدرت على أن يسعى بنوره الذى بين يديه لج الظلمات من الجهل مستغنيا عن قائدا يقوده فى كل خطوة فالسالك إما أعمى لا يستغنى عن القائد فى خطوة وإما بصير يهدى إلى أول الطريق ثم يهتدى بنفسه فقال الحق جلى وعلى " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور [ 31] وقال حبيب الحق r ( التائب حبيب الله والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ) 1 فأعلم أخى فى الله أنت التوبة لابد منها اليوم فلابد بأن تخرج من هذا المسجد تائبا وقد رضى الله عنه بعدما أن تسمع عن فرحة الله تعالى لتوبتك كما بشرك نور الهدى ومصباح الدجى r فى قوله ( الله أفرح بتوبة العبد المؤمن من رجل نزل فى أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فأستقيظ وقد ذهبت راحلته فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال أرجع إلى مكان الذى كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فأستقيظ فإذا راحلته عليها زاته وشرابه فالله تعالى أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته ) 2 يالها من فرحة فهل أنت تفرح لفرح الله بتوبته فهيا لنفرح مع الله وما أجملها من فرحة وسعادة وأسمع لما روى عن الحسن لما تاب الله على آدم هنائته الملائكة وهبط جبريل وميكائيل عليهما السلام فقال يا آدم قرت عينك بتوبة اتلله عليك فقال آدم عليه السلام يا جبريل إن كان بعد هذه التوبة سؤال فأين مقامى فأوحى الله إليه يا آدم ورثت زويك النصب والتعب ثم ورثتهم التوبة فمن دعانى منهم لبيته كما لبيتك ومن سألني المغفرة لم أبخل عليه لانى قريب مجيب يا آدم وأحشر التائبين من القبور ضاحكين مستشبرين ودعاؤهم مستجاب أيها الفقير إلى الله والراجى عفو الله أعلم يقينا ليس عليك عيبا بأن تذنب ولكن العيب كل العيب بأنك لم تلحق الذنب بالتوبة لاأرغب فى الذنوب ولكنى أتحدث عن حال وطبيعة البشر ويكفينا شرفا وفخرا بنداء المولى عز وجلى فى كتابه حيث يقول سبحانه " وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعانى فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون ) البقرة أما آن لك أن يخشع قلبك أما آن لك أن تتوب وترجع أما آن لك أن تعفو وتصفح أما آن لك أن تصلح ةتخضع هيا لنطرق الباب على الله ولنسأل الله توبة قبل الموت وشهادة عند الموت وسعادة وجنة بفضله تعالى بعد الموت وأعلم بأن النوبة عامة على الناس أجمعين على المخلصين والصادقين والقانتين والعاصيين والمذنبين وما إلى ذلك من أحوال عباد الله فلا ينفك عنه أحد البتة مصداق لقول الله تعالى فى الآية السابق ذكرها " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " النور [31] متى التوبة متى تتوب وترجع لستار العيوب وعلام الغيوب هيا أمسح الغشاوة من على قلبك وتوجه إلى الله وأعلنها بما تحمله معنى الصراحة من معانى وأنا على منبر سيدى ونور قلبى رسول الله r أنه مهما كانت ذنوبك مهما بلغت الذنوب والخطايا عندك أرجع الله والله يقبلك ويفتح لك باباه وإن رجعت للذنب مرة ثانية بعدما أن توبت فأرجع أيضا إلى الله ولا تيأس من روح الله ومن رحمة الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون فأسمع معى لرسول الله r لما جائه رجل أعرابى وقال يارسول الله ما بالك إن فعلت ذنبا ؟ قال يكتب : قال ما بالك إن تبت ؟ قال يمحى : قال ما بالك إن عدت ؟ قال r يكتب قال : ما بالك إن تبت ؟ قال r يمحى قال : ما بالك إن عدت ؟ قال يكتب قال : ما بالك إن تبت ؟ قال : يمحى فقال الاعرابى يارسول الله إلى متى يكتب وإلى مت يمحى فأسمع بماذا أجاب النبى الذى لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى إن الله لا يمل من المغفرة ما دام العبد لا يمل من الا ستغفار صدقت سيدى أبى القاسم يا رسول الله فأنظر إلى الرحمة والشفقة بك يأبن آدم تذنب الذنب ثم تتوب فيتوب الله عليك بل تبدل السيئات حسنات ‘نه كرم الكريم وجود الجواد جل وعلا ولكى يصبح الكلام عن التوبة بشمولها كافيا لابد بأن نسمع لائمة الاسلام وأصحاب المصطفى وأن نستمع سويا لأقوالهم عن التوبة وذاك هوه عنصرنا الثانى نماذج التوبة فقال الفضيل قال تعالى بشر المذنبين بأنهم إن تابوا قبلتهم وحذر الصدقين أننى إن وضعت عليهم عدلى عذبتهم وقال طلق ابن حبيب ان حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العبد أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين وقال عبد الله ابن عمر من ذكر خطيئة ألم بها فوجل منها قلبه محيت عنه فى أم الكتاب ويروى أن نبى من بنى اسرائيل أذنب ذنبا فأوحى الله إليه وعزتى إن عدت لاعذبنك فقال يارب أنت أنت الله وأنا أنا العبد الفقير الماثل بين يديك فوعزتك إن لم تعصمنى لاعودن فعصمه الله تعالى وقال بعضهم إن العبد لا يذنب الذنب فلا يزال نادما حتى يدخل الجنة فيقول إبليس ليتنى لم أوقعه فى الذنب وقال حبيب إبن ثابت تعرض على الرجل ذنوبه يوم القيامه فيمر بالذنب أما إنى كنت مشفقا منه فيغفر له وأسمع إلى جمال قصة أبن مسعود رضى الله عنه لما سأل رجل عن ذنب ألم به هل لى من توبة فأعرض عنه ابن مسعود ثم التفت اليه فرأى عيناه تذرفان فقال له ابن مسعود ان للجنة ثمانية أبواب كلها تفتح وتغلق الا باب التوبة فإن عليه ملك موكلا به لا يغلق فأعمل ولا تيأس وقال عملاق الأمة عمر رضي الله عنه أجلسوا إلى التوابين فأنهم أرقو أفئدة ويروى أنه كان فى بنى إسرائيل شاب عبد الله عشرين سنة ثم عصا الله عشرين سنة ثم نظر فى المرآة فرأى الشيب فى لحيته فساءه ذلك فقال إلاهى وسيدى أطعتك عشرين سنة ثم عصيتك عشرين سنة فإن رجعت إليك قبلتنى فسمع قائلا ولايرى شخصا ينادى عليه ويقول أجبتنا فأجبناك وأحببتنا فأحببناك وتركتنا فتركناك وعصيتنا فأمهلناك وإن رجعت إلينا قبلناك فيا عبد الله أما آن لك أن تنظر فى المرآة ثم تنظر لمرآة الدنيا فتعلم أن الموت يأتى بغضه والقبر صندوق العمل متى تنادى على الله وتطرق الباب على الله وكيف تتيقن يقينا وأنت تسأل الله وتطرق عليه بابه أن الله قد أستجاب دعوتك وقبل منك توبتك وذاك هو عنصرنا الثالث بعنوان كيفية استجابة التوبة إعلم أولا أك إذا فهمت معنى قبول التوبة لم تشك فى أن كل توبة صحيحة خالصة لله فهى مقبول فالناظرون بنور البصائر المستمدون من أنوار القرآن علموا أن كل قلب سليم مقبول عند الله تعالى ومتنعم فى الآخرة فى جوار الله ومستعد أن ينظر بعينه الباقية إلى وجه الله تعالى وعلموا أن القلب خلق سليما وأن كل مولود يولد على الفطرة ولكن تفوته السلامة بكدورة تزهق وجهه من غيرة الذنوب وظلمتها وعلموا أن نار الندم تحرق تلك الغيرة وأن نور الحسنة يمحو عن وجه القلب ظلمة السيئة وأن لا طاقة لظلام المعاصى مع النور الحسنات والطاعات وأن كل قلب ذكى طاهر مقبول كما أن كل ثوب نظيف مقبول وأما القبول فمبذول قد سبق به القضاء الازلى الذى لا مرد له وهو الذى سمى فلاحا فى قول الحق تبارك وتعالى " قد أفلح من زكاها " الشمس 9 وقال الرحم المهداه r لو عملتم الخطايا حتى تبلغ السماء ثم ندمتم لتاب الله عليكم ) 3 ويروى أن حبشيا قال يا رسول الله إنى كنت أعمل الفواحش فهل لى من توبة فقال ( نعم ) فولى ثم رجع فقال يا رسول الله أو كان الله يرانى قال r نعم فصاح الحبشى صيحة خرجت فيها روحه ) 4 هيا أنهض بالحسنات لتتمكن من إذهاب السيئات فأرى الآن علي أن أتوقف قليلا عن الكلام حتى أتيح لى ولكم فرصة التجربة العملية فى جلسة الاستراحة لتتوب إلى الله توبة صادقة كلا منا فى نفسه وأذكركم بما بدأت به اللقاء وهو قول حبيبكم r ( التائب حبيب الله والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ) 5 أقول لقولى هذا وأستفر الله العلى القدير لى ولكم ولسائر المسلمين أجمعين . الحمد لله الواحد الأبدى الحمد لله القائل " إن الله وملائكته يصلون على النبى " الأحزاب وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد بفضلا من الله تعالى وكرمه ومنه وجودة تحدثت مع حضراتكم فى هذا اللقاء المبارك عن التوبة ووجوبها ونماذجها ثم تحثنا بفضله أيضا عن كيفية استجابة التوبة ثم أتحنا الفرصة للتجربة العملية وبعد هذا كله لا أجد على خاطرى كلاما أتلفظ به إلا أن أوصى نفسى وإياكم بأن يقف كل واحد منا على باب الله تعالى وينادى ويقول إلاهى وسيدى : أنا مذنب أنا مستغفر أنا عاصى أنت راحم أنت غافر أنت كافى قابلتهن ثلاثة بثلاثة ولتغلبن أوصافه أوصافى وأخيرا متى تتوب بعدما أن رأينا فتن الدنيا قد تزاحمت على القلوب متى تتوب بعدما ان انتشر الوباء والبلاء متى تتوب وقد كثر موت الشباب متى تتوب بعدما أن علمت أن الموت لا يفرق بين صغير ولا كبير ولا يفرق بين عظيم وحقير أسأل الله جل جلالة وتقدست أسماؤه أن يتوب علينا وعلى كل عصاة المسلمين . اللهم أرزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ونعيما وملكا كبيرا اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين واخذل الشرك والمشركين اللهم ردنا إلى دينك ردا جميلا اللهم لا تدع لنا فى هذا اليوم العظيم المبارك ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا عيبا إلا سترته ولا مريضا إلا شفيته ولا ميتا إلا رحمته ولا مظلوم إلا نصرته ولا عدو ألا أهلكته ولا مجاهدا إلا أيدته ولا عاصيا إلا هديته اللهم ارحم موتانا وموتا المسلمين واشفى مرضانا ومرضى المسلمين الاهنا هذا حالنا لا يخفى عليك وهذا ضعفنا ظاهرا بين يديك فعاملنا اللهم بالاحسان إذ الفضل منك وإلاليك إخوة الاسلام والايمان ما كان من توفيق فمن الله وما كان من تقصير فمنى ومن الشيطان عباد الله أذكروا الله وأشكره يزيدكم وسالوه يعطكم وأستغفروه يغفر لكم وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنع . ( وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته )