الموالد أهم الأحتفالات الشعبية في مصر

الموالد أهم الاحتفالات الشعبية فى مصر

الموالد أهم الاحتفالات الشعبية ذات الصبغة الدينية فى مصر فما من قرية أو مدينة أو منطقة فى المدن الكبيرة إلا ولها قديس أو ولى تحتفل بمولده كل عام، ويعتبر هذا المولد احتفالها الأساسي الذى ينتظره الأهالي، ويشترك فى ذلك غالبية المصريين، وفى كثير من الأحيان يشترك أبناء كل بلدة مسيحيين ومسلمين فى الاحتفالي بمولد قديس البلدة المسيحي أو وليها المسلم بغض النظر عن دينهم.. وهناك موالد كبرى تحتفل بها مصر كلها ويفد إليها المصريون من كل مكان كموالد السيدة زينب والأمام الحسين ومارى جرجس وسانت تريزا ... وبعض هذه الموالد يتكبد الراحلون إليها مشقة بالغة مثل مولد آبي الحسن الشاذلى الذى يقع مقامه فى منطقة نائية بصحراء مصر الشرقية..
ولا تختلف طقوس وعادات الاحتفال كثيرا بين موالد القديسين وموالد الأولياء، وفى كلتا الحالتين يستمد هؤلاء القديسون والأولياء المكانة الرفيعة التى يشغلونها فى وجدان مريديهم بسبب ما يروى عن مواقفهم وكراماتهم ومواجهتهم للظلم أثناء حياتهم واستشهادهم أو تعرضهم للمحن الشديدة من أجل مواقفهم، والاحتفال بالموالد تقليد راسخ يرجع إلى عصر الحضارة المصرية القديمة، فالموالد امتداد لاحتفالات مدن وقرى مصر القديمة بآلهتها، والتي كان يحتفل بها مرة كل عام باعتبارها حامية لتلك البلدان ورمزا لها ... ومع مرور الزمن ودخول المسيحية ثم الإسلام إلى مصر استعاض المصريون الآلهة القديمة بالقديسين والأولياء وأخذوهم رموزا للمدن والقرى وأصبحوا يتبركون بهم وبوجود مقاماتهم وأضرحتهم، بل فى بعض الأحيان نشأت أحياء أو قرى جديدة حول ضريح أو مقام ولى أو قديس تستمد منه البركة والحماية... لقد قام حي السيدة زينب وامتد واتسع حول ضريحها وامتدت السكنى بين الفسطاط والقاهرة حول مقامات وأضرحة آل البيت.. على زين العابدين حسن الأنور، السيدة نفيسة، السيدة سكينة، السيدة عائشة.
ويحتفل المصريون كل عام بموالد أوليائهم وقديسيهم فى الأيام التى يعتقدون انها ذكرى ميلادهم... وان كان كثير من الأولياء والقديسين يحتفل بهم أكثر من مرة فى العام مثل السيد أحمد البدوي الذى يحتفل بمولده ثلاث مرات... وترتبط الاحتفالات بالموالد فى كثير من الأحيان- خاصة فى القرى- بمواسم الحصاد فالموالد ليست فقط مناسبة دينية للعبادة، بل هى بالأساس احتفالات للفرح والترويح واللهو، ومن هنا تأتى بعد أن ينتهي الفلاحون من عملهم ويجنون ثماره وعائده فنجد للسيد البدوي ولإبراهيم السوقي موالد فى أكتوبر مع نهاية السنة الزراعية ويأتي مولد سيدي تميم بالدقهلية بعد حصاد القطن..
وتمتد احتفالات الموالد عادة ما بين أربعة أيام إلى أسبوع وتختتم بالليلة الكبيرة، التى يبلغ فيها الاحتفال ذروته... وهناك دائما الاحتفال الرسمي بالموالد الذى تنظمه وزارة الأوقاف أو مشيخة الطرق الصوفية أو الكنيسة، إلا أن الاحتفال الحقيقي والأساسي هو الاحتفال الشعبي الذى يشارك فيه الرجال والنساء والأطفال، فالموالد مناسبات للفرحة واللقاء وهى المتعة الوحيدة لكثرة غالبة من المصريين.
هناك فئات ترتبط حياتها بالموالد... أناس يهبون أنفسهم لحياة التجوال بين الموالد التى تشكل سلسلة متصلة لا تنقطع طوال العام... وهناك رجال الطرق الصوفية الذين يقضون حياتهم فى هذه الرحلة فى نوع من العبادة الروحية الخاصة بهم.. هناك كذلك فئات تعتبر الموالد مصدر رزقها الأساسي كالغجر والغوازي والحواة والمغنين الشعبيين وباعة الحمص والحلوى وأصحاب المراجيح وحلاقي الصحة الذين يجرون عمليات الختان..
والى جانب المظاهر المشتركة بين كل الموالد فهناك مظاهر تختص بها بعض الموالد دون غيرها.. مثل الاحتفال بمولد آبي الحجاج الاقصرانى الذى يحتفل به فى نصف شعبان من كل عام، والذى يتضمن موكبه موروثات ترجع إلى احتفال المصريين بامون اله واست (الأقصر) فموكب المراكب الذى كان يخرج من معبد الكرنك الى معبد الأقصر هو نفسه موكب المراكب الذى يطوف بمقام أبى الحجاج المشيد فوق معبد أمون بالأقصر، وفى مولد السيدة عائشة بحي الخليفة بالقاهرة وهو مولد محلى لأهل الحي فقط تسير فى زفة المولد عربات كارو تحمل مجموعات من أبناء الحي يؤدون مشاهد تمثيلية هزلية.. وفى مولد سيدي تميم بالدقهلية يؤدى أهل البلدة فى زفة المولد تمثيلية تعبر عن مقاومة أحد الأبطال القوميين فى المنزلة وهو حسن طوبار الذى يقول الأهالي انه تصدى لقوات الحملة الفرنسية فى المنطقة...
أن الموالد نظام اجتماعي ونظام حياة لشعب يخلق أفراحه ومتعه البسيطة التى تعيش معه عبر السنين...