شيماء سعيد
عدد الرسائل : 32 تاريخ التسجيل : 03/04/2007
| موضوع: تابع رحلة إلى دمشق4 الجمعة مايو 18, 2007 12:33 pm | |
| أبواب دمشق يضم سور المدينة أبواباً عدة، كانت سبعة في السور الروماني، أما في السور الحالي ففُتحت أبواب جديدة أو سُدّت أبواب أخرى، وحالياً اختفت بعض الأبواب وحلّت مكانها أبنية أو طرق أو أسواق. والأبواب هي: 1 ـ الباب الشرقي يقع على الجهة الشرقية من السور، وينتهي عنده الشارع المستقيم الواصل بين الباب الشرقي وباب الجابية. بُني في العهد الروماني أوائل القرن الثالث للميلاد، وجُدّد في عهد نور الدين زنكي سنة 559هـ / 1163م، كما جدد بناء المئذنة في عهد السلطان العثماني مراد الثالث قبيل سنة 990هـ / 1582م. يتألف الباب من ثلاث فتحات أكبرها الأوسط، الذي يقابل منتصف الشارع المستقيم. سُدّتْ هذه الفتحة والفتحة الجنوبية في القرون الوسطى، ولم يَبقَ إلاّ الفتحة الشمالية التي تعلوها صفوف من أحجار السور. وبقي الوضع كذلك حتّى عهد قريب حيث تم الكشف عن الأجزاء التي كانت مختفية منه وفتحت الفتحات الثلاث. ومستوى أرض الباب أعلى من مستواه القديم، وكانت توجد خارجه باشورة ( سوق صغيرة ) ذات حوانيت، يمكن إغلاقها ليتمكن أهلها من البقاء فيها، لدى حدوث الغارات أو إقامة الحصار على المدينة. وهذه الباشورة كغيرها من الباشورات الموجودة قرب الأبواب الأخرى، هي من عمل نور الدين زنكي، الذي قام أيضاً ببناء مسجد ومنارة عند كل باب من أبواب المدينة، وذلك بغية مراقبة العدد من مكان مرتفع عند اقترابه من دمشق إبان الحملات الصليبية، إضافة إلى الأذان. ومن أهم الأحداث التي وقعت عند هذا الباب، نزول خالد بن الوليد عندما فتح دمشق سنة ( 14 هـ / 635م )، ومنه دخل عبدالله بن علي حين احتلها العباسيون سنة ( 132 هـ / 749 م ). 2 ـ باب توما يقع باب توما في الجهة الشمالية الشرقية من سور دمشق، وهو في الأصل باب روماني نسب لأحد عظمائهم واسمه ( توما ). كانت عنده كنيسة حولت إلى مسجد فيما بعد، وارتفعت فوقه مئذنة كالباب الشرقي، كما كانت توجد عنده باشورة على غرار الأبواب الأخرى. أعيد بناؤه بشكل جديد زمن الملك الناصر داود بن الملك عيسى الأيوبي سنة ( 625 هـ / 1228 م ) كما تشير إلى ذلك كتابة في داخله، وجُدّد في زمن السلطان الناصر محمد بن قلاوون بواسطة نائبه في دمشق الأمير تنكز سنة ( 734 هـ / 1333م ) كما تنص على ذلك كتابة على عتبة الباب من خارجه. أُزيل المسجد الذي كان عنده أثناء تنظيم المنطقة في بدايات العهد الفرنسي، وبقيت المئذنة إلى أن أزالها المهندس أيكوشار في الثلاثينات من القرن العشرين قبيل الحرب العالمية الثانية بسنوات. يعتبر باب توما نموذجاً من نماذج المنشآت العسكرية الأيوبية التي تَقدّمَ صنعها تقدماً مدهشاً في أول القرن الثالث عشر الميلادي. يعلوه قوس مجزوء، وشرفتان بارزتان لهما دور عسكري وتزييني معاً، وبينهما كوّات الدفاع المستطيلة. أما طبقة الباب العلوية فهي مهدمة ومصلّحة. وينسب باب توما كما أرود ابن عساكر إلى كوكب الزهرة. 3 ـ باب الجنيق لا توجد معلومات وافية عنه، غير أنه ذكر في المراجع بأنه يقع بين باب توما وباب السلام، وقد سُدّ منذ عهد بعيد، وكانت عنده كنيسة حولت إلى جامع صار بيوتاً للسكن فيما بعد. 4 ـ باب السلام من أبواب دمشق الشمالية، يقع غرب باب الجنيق ويقوم في منعطف من السور يجعل اتجاهه نحو الشرق، يقول ابن عساكر في تسميته: « سُمّي بذلك تفاؤلاً، لأنّه لا يتهيأ القتال على البلد من ناحيته، لما دونه من الأنهار والأشجار... وكان الذين يدخلون دمشق يدخلون منه للسلام على الخلفاء. اختلفت الروايات حول أصله، فمنهم من نسبه إلى العصر الروماني، ومنهم من قال بأنه لا يبعد أن يكون قد بُني لأول مرة في زمن نور الدين زنكي سنة ( 560 هـ / 1164 م )، ثم تهدّم فجدده الملك الصالح أيوب سنة ( 641 هـ / 1243 م )، وعلى عتبته من الخارج كتابة تشير إلى ذلك. كما كانت تعلوه مئذنة على غرار باب توما والباب الشرقي. وله درفتان مصفحتان بالحديد، وهو ثاني باب أيوبي أنشئ بعد باب توما، ويشبهه بقوسه وكوته وشرفاته، ويمتاز عنه بأنه لم يُرمّم في زمن المماليك. ولم يزل في حالة جيدة. 5 ـ باب الفراديس ويسمّى أيضاً باب العمارة، يقع في الجهة الشمالية للسور، وتعود تسميته إلى العهد الروماني لكثرة البساتين أمامه، أعاد إنشاءه الملك الصالح عماد الدين إسماعيل سنة ( 639 هـ / 1241 م )، وهو حالياً موجود ضمن سور العمارة وتحيط به المحلات التجارية من الجهة الخارجية للسور. 6 ـ باب الفَرَج يقع في الجهة الشمالية من سور دمشق، بين العصرونية والمناخلية. لذلك يسمى أحياناً باب المناخلية، كذلك يسمى باب البوابجية. يلاحظ أن عدد أبواب المدينة في الجهة الشمالية أكثر منه في الجهات الأخرى، بسبب عدم إمكان توقع هجوم من هذه الجهة للحماية التي توفرها قنوات المياه ( بردى وفروع العقرباني والداعياني ) إضافةً لصعوبة التضاريس الناتجة عن سفوح قاسيون. أحدث الباب نور الدين وسمي باب الفرج لما وجد الناس فيه من الفرج، وجدد أيام سيف الدين بن أبي بكر أيوب عام 689هـ وهو باب مزدوج. 7 ـ باب النصر كان يقع على الجهة الغربية للسور جنوب القلعة مباين عند سوق الأروام ( بداية سوق الحميدية من جهة شارع النصر ). أنشأه نور الدين ثم هدم أيام الوالي العثماني رشيدي باشا الشرواني سنة 280هـ / 1863م. 8 ـ باب الجابية كان يقع غرب سور المدينة جنوب باب النصر، وهو يكاد يواجه الباب الشرقي، ويصل بينهما السوق الطويل ( الشارع المستقيم ). يماثل باب الجابية الباب الشرقي من حيث التصميم، إذ كان يتألف من ثلاث فتحات أكبرها هي الوسطى. وقد سمّي بهذا الاسم لأنه يؤدي إلى قرية الجابية التي تقع في الجولان. أعاد إنشاءه نور الدين سنة ( 560 هـ / 1164 م )، ثم جدده ناصر الدين داود بن عيسى. 9 ـ الباب الصغير يسمى أيضاً باب الشاغور ويقوم في طرف السور الجنوبي مكان باب روماني قديم، والباب الحالي جدّده نور الدين وعليه كتابة مستطيلة بالخط الكوفي تشير إلى أن نور الدين رفع حق التسفير عن التجِّار الذاهبين إلى العراق والقافلين منه. جُدّد الباب ثانية في زمن الأيوبيين، وعليه كتابة تذكر أن السلطان عيسى ابن الملك العادل هو الذي قام بهذا العمل سنة 623هـ، ويظهر أن ذلك لم يكن إلا دعماً لما قام به نور الدين. سُمّي بالباب الصغير لأنه أصغر أبواب دمشق. وسبب ذلك خطورة الجنوب لدفاع دمشق كونه مفتوحاً عكس الشمال المحمي بالأنهار والأشجار. يعلو الباب قوس مدوَّر، وفوق القوس من الداخل قبة على شكل المهد، وله مصراعان مُلبَّسان بصفائح الحديد المثبتة بمسامير غليظة، يتحركان بارتكازهما على عضادتين صغيرتين علويتين، وعضادتين سفليتين ومنه دخل تيمورلنك عام 803هـ. 10 ـ باب كيسان يقع إلى الجهة الجنوبية للسور قبالة دوّار المطار في شارع ابن عساكر، قام نور الدين بسده، ثم أُعيد فتحه في عهد المماليك سنة ( 765 / 1363م ) على يد الملك الأشرف ناصر الدين شعبان الثاني، ورمّم مجدداً في عهد الانتداب الفرنسي. كان في قربه مسجد جدده نائب الشام سيف الدين منكلي بُغا، وتشير اللوحة الأثرية عند هذا الباب أنه جدد في العهد العربي، وأُدخلت عليه تعديلات عام 1925م، وحالياً أصبح الباب مدخلاً لكنيسة القديس بولس ( سانت بول ) التي شيدت عام 1939م. وتروي المصادر التاريخية أن هذه الكنيسة بنيت في نفس المكان الذي تم فيه إنزال بولس بسلة من فوق السور، فتمكن من الوصول إلى أوروبا حيث نشر الديانة المسيحية.
الخاناتتعددت التسميات التي تطلق على المنشآت المعدّة لاستقبال المسافرين والقوافل، والتي تعرف في بلاد الشام تحت اسم « الخانات » ويطلق عليها في مصر اسم « الوكالة ». ولعل تسمية « الخان » تعود إلى الفارسية، أو خانة وكانت تعني المبنى المقام على الدروب الخارجية لإيواء القوافل والجنود، ظهرت في فارس منذ عهد قورش « سيرهوس » 550 ق.م. وفي المغرب العربي سَرَت تسمية « الفندق » و « الرباط » الذي يعني الحصن المخصص لإيواء المحاربين أكثر من معناه الفندقي. وأطلق العرب اسم « القيسارية » على الأسواق المغلقة، ثم اختلطت التسمية وأصبحت القيسارية مرادفة للفندق والخان، بدءاً من القرن الخامس عشر، ولكن التسمية استمرت في المغرب، بعد أن أُهملت في المشرق العربي. وظائف الخانإن الوظائف الأساسية التي من أجلها أُنشئت الخانات هي إيواء القوافل والمسافرين. ولكن ثمة وظائف مرافقة كالبريد والتجارة والأمن، كانت تتميز في عصر أو آخر. فيأخذ الخان وظيفة دون أخرى. وكثيراً ما أصبحت الخانات مقرات سكنية مستمرة يستأجرها المقيمون لوقت دائم، بعد أن كانت إقامة مؤقتة، أو أصبحت أسواقاً لتبادل البضائع والمتاجرة بها، أو مستودعات لا نشاطَ فيها أو مراكز الجاليات أو قنصليات لدول أجنبية، لعبت دوراً في حماية التجارة الدولية، أو أصبحت حصناً وثكنة عسكرية ومركزاً دفاعياً. على أن الوظيفة الفندقية ـ يعني استقبال المسافرين لإقامة مؤقتة ـ هي الوظيفة الأساسية التي استمرت حتّى القرن العشرين. النموذج المعماري للخانيختلف نموذج عمارة الخان في البلاد الشامية عن « الوكالة » في مصر وعن الرباط في المغرب. والخان السوري الذي نرى نماذج كثيرة في دمشق يقوم بوظيفتين معاً، الوظيفة الفندقية، وهي إيواء المسافرين وتأمين معاشهم الموقت في غرف عليا، والوظيفة التجارية التي تمارس في فِناء الطابق الأرضي وغرفه حيث تربط الجِمال والدواب التي تحمل البضائع المعروضة للبيع والتداول، وفي الغرف المجاورة تمارس عمليات التجارة والاتفاقات، وتُخزن البضائع عند الحاجة في المستودعات. هكذا يتألف الخان من طابقين مشرفين على باحة مكشوفة، وبعد الباب الكبير الذي يشكل المدخل الرئيسي للخان، تقوم غرفتان صغيرتان للإدارة والمراقبة، يعقبهما درجان يصلان إلى الطابق العلوي المحاط برواق مفتوح على الباحة المكشوفة، وتنفتح على الأروقة الأربعة أبواب ونوافذ الغرف أو الوحدات المؤلفة من عدد من الغرف، والتي تستوعب المسافرين. وتُغطَّى هذه الغرف بقباب نصف كروية أو مفلطحة، وجهّزت هذه الغرف بمصاطب هي أسرّة للنوم. ويتضمن الخان عادة مراحيض ومياه جارية وبركة تتوسط الباحة المكشوفة لسقاية الدواب، ولابد من مصلّى مُرفَق بالخان وقد يكون مسجداً، وقد يشمل الخان حمّاماً خاصاً، وكانت الخانات في العهد السلجوقي تحوي مطابخ ومخابز. الكارافان سرايوقد يقام الخان داخل المدن أو على الطرقات الواصلة بين المدن، وقديماً أُطلق على الخانات الخارجية اسم « كارافان سراي » وتعني قصر القوافل،وهي كلمة فارسية ـ تركية انتقلت إلى اللغات الأجنبية ولم يستعملها العرب، وكانت هذه الخانات محصّنة، حتّى أنها تحولت إلى حصن عسكري في بعض الأحيان. وتضاءل دور الخانات مع تضاؤل التبادل التجاري البرّي، وظهور وسائل النقل البحري ووسائل النقل الآلي، أعني السيارات التي ضخّمت وطوّرت عمليات السفر والنقل، وظهرت أبنية لإيواء المسافرين مستقلة عن الأسواق والمستودعات. ثم كانت الفنادق الحديثة بشروطها المتطورة، وأُهملت الخانات الخارجية والداخلية، وأصبحت موئلاً للوظائف الثانوية، حتّى انتبهت السلطات الأثرية لحمايتها فقامت بترميمها وإعادة الحياة إليها، ولكن بتحويلها إلى مقرات سياحية ومتحفية، وإلى أسواق أو معامل. وكانت الخانات تدار وفق نظام دقيق، فإذا كانت تابعة للدولة كالخانات الخارجية، فإنها تدار من وكيل الوالي، أما إذا كانت خاصة فإنها تدار من صاحبها يساعده ناظر أو وكيل في تأجير الغرف وتحقيق النظافة والأمن وجباية ضرائب الدولة ومن عَسَس لحراسة المبنى. وكان تأجير الخان الخاص يتم لمدة محدودة أو مدة طويلة عن طريق دفع ما يسمّى بـ « الخلوة » أو « كدبل » بالتركية. ويمكن بيع الخانات ووقفها لجهة خيرية أو ذُريّة. أما الضرائب فكانت تُجبى بصورة دقيقة مركّزة في الخان، وهي الزكاة، والعُشر للأجانب. وكثيراً ما كان صاحب الخان يلتزم عملية جباية الضرائب للدولة، وكان على مستخدمي الخان أن يدفعوا للوالي ضريبة خاصة تسمى « المكس ». وفي العهد العثماني أضيفت ضريبة خاصة على موارد الخان تدفع سنوياً، ولقد أصبح بعض الخانات مقراً لموظف المكوس والجمارك.
| |
|